بغَضِّ النظر عن هدفك من الادِّخار سواء التخطيط حول كيفية تسيير أمورك بعد التقاعد، أو الاستثمار من أجل استكمال دراستك داخل أو خارج مصر، أو شراء شقة في منطقة سكنية أفضل، أو الحصول على سيارة على أحدث طراز، أو ربما تريد أن يكون لديك ثروة أكبر.
كل الخيارات السابقة مباحة، ولك تمام الحق في الحصول على أحدها، أو حتى الحصول عليها جميعًا.
وتظل في حيرة: كيف لي أن أستثمر في ما جنيتُه من مال لتأمين مستقبل أفضل؟
الأمر بالتأكيد يحتاج إلى إستراتيجية توافِق احتياجاتك وميزانيتك، فالبعض يتَّجه إلى الخيار الآمن وهو الادِّخار في البنوك، والحصول على فوائد ثابتة دون أي مجازفة، في حين يميل آخرون للاستثمار بشَتَّى طرقه، مثل شراء سيارة وتأجيرها، أو فتح مشروع تجاري لبيع المأكولات، ثم تبدأ التفكير مجدَّدًا، وماذا عن الاستثمار العقاري؟
أنت تبحث عن عائد كبير بمجازفة قليلة، مع توافر عامل الاستدامة؛ ولذلك هنا سوف نعرض عليك أشهر الخيارات التي يفكِّر فيها الكثير مِنَّا: الاستثمار العقاري أو التوفير في البنوك؟
ما مزايا الشهادات البنكية وعيوبها؟
هناك العديد من أنواع الادِّخار في البنوك، سواء بفتح حساب توفير أو غيرها من الودائع بمختلف قيمة الفوائد، إلا أن أشهرها حاليًّا هو شهادات الاستثمار بمختلِف أنواعها بحسب قيمة الفوائد أو مدتها، والتي تبدأ من 6 أشهر وحتى 5 سنوات، وقد يختلف ذلك خلال فترة زمنية معينة أو باختلاف أنظمة البنك.
مميزات شهادات الادِّخار البنكية
شهادات الادِّخار آمنة تمامًا، فليس هناك احتمالية أن تخسر أموالك؛ بل إنك تستعيدها كاملة بعد انتهاء المدة المحدَّدة لها بالإضافة إلى الفوائد سواء بعائد شهري أو ربع سنوي.
كما تُعَد هي الأقل مخاطرة بالنسبة لباقي أنواع الاستثمار الأخرى الخاصة بالتجارة أو الاستثمار في البورصة؛ وبالتالي فإن مكسبها مضمون، فليس هناك أدنى شك في أنك لن تحصل على قيمة الفائدة.
يمكنك الحصول على شهادة بأي مبلغ ابتداء من خمسمائة جنيه، وفوائدها تُعد معقولة مقارنة بأنواع الودائع الأخرى أو حسابات التوفير.
الحصول عليها سهل بدون شروط تعجيزية، فقط شهادة من مكان عملك وبطاقة الرقم القومي، واستخراجها سريع في دقائق معدودة.
في حالة حدوث أي ظرف طارئ يمكنك استعادة أموالك ولكن بعد مرور 6 شهور من تاريخ فعاليتها، وفي تلك الحالة سوف تُختصم قيمة الفوائد التي حصلت عليها في الفترة الماضية، وإن كنت صرفتها بالفعل فسوف تقتطع من المبلغ الأصلي.
عيوب شهادات الادِّخار البنكية
يمكن النظر إلى فكرة استرداد الأموال إلى أنها إحدى سلبياتها، فأنت مقيَّد بعدم الحصول على أموالك إلا بعد مرور 6 أشهر، وحينها ستخسر قيمة الفوائد التي حصلت عليها.
هي ما تزال محدودة العوائد مقارنةً بالأنواع الأخرى من الاستثمار التجاري أو العقاري، والتي قد تتجاوز فيها قيمة أرباحك أضعاف المبلغ الذي دفعته.
قيمة الفائدة دائمًا متذبذبة، وفي كثير من الأحيان يلجأ البنك المركزي إلى تقليلها لدفع أصحاب الأعمال لإدارة أموالهم بطرق أخرى، وهذا بالطبع يختلف بالنسبة للوضع الاقتصادي للبلاد.
عند حصولك على الأموال بعد انقضاء مدة انتهاء الشهادة فسوف تفقد قيمتها، مع ارتفاع نسبة التضخُّم ليس في مصر فقط، ولكن في كثير من دول العالم، فما كان يمكنك شرائه بمائة ألف جنيه منذ 3 سنوات، لم يَعُد ممكنًا الآن، وعليك البحث عن شيء قيمته أقل.
تُعَد خيارًا ليس الأفضل بالنسبة لرءوس الأموال الصغيرة، فكلما قَلَّ المبلغ بالطبع يكون العائد أصغر، وبالتالي تكون غير مُجدِيَةً في أحيان كثيرة، إلا أنها ستكون وسيلة لحفظ أموالك من إنفاقها.
ما مزايا وعيوب الاستثمار العقاري؟
إن كنت وصلت لتلك النقطة، فغالبًا أنك ما تزال تفكر في أنسب الطرق لاستثمار أموالك، وربما أيضًا قد وجدت أن الاستثمار في الشهادات البنكية ليست هي الحل الأنسب، إذن سوف نعرض هنا مزايا وعيوب الاستثمار العقاري، ولك أنت القرار.
مزايا الاستثمار العقاري
هي أنسب الطرق المتاحة حتى تحافظ على رأس مالك من عوامل التضخُّم، فهو لن يفقد قيمته؛ لأنك حفظته في صورة أصول، مع تأكيد أن التضخُّم هو ظاهرة عالمية، فلا يمكن لدولة التحكم فيها، كما أن احتمالية حدوثها أكيدة وفقًا للكثير من التقارير المحلية والدولية.
إن وضعت أموالك في مشروع عقاري مضمون فإنه سوف يضمن لك ربحًا ماليًّا كبيرًا قد يفوق أضعاف قيمة المال الذي اشتريت به العقار؛ وذلك لأن أسعار العقارات دائمًا ترتفع مع الزيادة السكنية التي تخلق بالطبع زيادة في الطلب.
العقار يمكن تحويله إلى مشروع استثماري آخر؛ وبالتالي هي فرصة مركَّبة، فبجانب قيمة العقار نفسه، يمكنك تأجيره والحصول على عائد ثابت، أو تحويله إلى مشروع تجاري؛ فسوف يدير عليك أموالًا إضافية.
العقار كذلك قابل للتطوُّر، فربما تتفاوض مع صاحب العمارة أو البرج لبناء دور سكني آخر تستفيد منه، أو لو كان العقار بالكامل ملكًا يمكنك بناء أكثر من طابق وبيعه أو تأجيره، وهكذا.
لن تدفع الكثير من الضرائب مقارنةً بأنواع الاستثمار الأخرى، فقيمة الضريبة العقارية في كثير من دول العالم العربي لا تكاد تذكر بالنسبة للقيمة الأصلية للعقار.
عيوب الاستثمار العقاري
البعض يرى أن بيع العقار للحصول على المال قد يحتاج لبعض الوقت، إن كنت بحاجة إلى أموالك بسرعة، ولكن هذا بالطبع يتوقَّف على موقع العقار والسعر المعروض والخدمات … وغيرها.
إن كنت تفكر في شراء عقار بالتقسيط ثم تأجيره لسداد قيمة الإيجار؛ فهي تعد مخاطرة لأنه من الممكن ألَّا تجد هذا المستأجر بسرعة، وسوف تتعرض لضائقة مالية لسداد هذا القسط.
لا يمكن بيع جزء من العقار على سبيل المثال، إن كنت بحاجة لمبلغ مالي صغير وليس قيمته الإجمالية، ولكن في تلك الحالة يمكنك بيع العقار، ثم أخذ المبلغ الذي تريده، واستثمار الجزء المتبقي في عقار بمنطقة أقل تكلفة أو بأي شكل آخر مثل الاستثمار في البورصة.
تغير الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلد قد يؤثِّر في جمود السوق وعدم رواج حركة التجارة، وصعوبة بيع العقار.
الحصول على عقار في وحدة سكنية لم تكتمل بعدُ، فيحدث أي تعثُّر مالي ولا يكتمل المشروع، وإن كنت لن تخسر أموالك، ولكن ستحتاج بعض الإجراءات القضائية والقانونية.
لماذا يعد الاستثمار العقاري هو الأنسب لك؟
من أهم مزايا الاستثمار العقاري التي تجعله يتفوَّق على غيره من أنواع الاستثمار وخاصة الادِّخار في البنوك، هو أنه يحافظ على الأموال بقيمتها وقت شرائك لعقارك، فإن قررت بيع العقار بعد 3 سنوات ففي الأغلب ستتضاعف قيمته، بعكس الشهادات البنكية التي تجعلك تخسر قيمة المال، خاصة في فترة التضخُّم العاصفة التي تشهدها البلاد.
وبالتالي فهي توفِّر لك الأمان المادي، فمهما اختلفت قيمة العملة المحلية، يستحيل أن تخسر أموالك إن أردت استثمارها في شكل عقار.
يحسن الاستثمار العقاري كذلك من وضعك الاجتماعي؛ فالاستثمار لا يعني بالضرورة بيع العقار الجديد، ولكن ربما تنتقل إليه في المستقبل، وتبيع العقار التي تعيش فيه الآن؛ مما يحقِّق تغييرًا في نمط حياتك سيمنحك بالتأكيد الراحة والسعادة.
عند عقد مقارنة بين نوعي الاستثمار، تذكر ما كان يمكن أن تشتريه بمائة جنيه قبل 3 سنوات، وما يمكن أن تشتريه الآن بالقيمة نفسها، وحينها سوف تأخذ القرار الصحيح.